منذ بداية الألفية، برزت مدينة مانشستر كقوة لا تخطئها العين في عالم كرة القدم، حيث استطاعت أنديتها أن تحمل راية الهيمنة محليًا وقاريًا، محققة 35 لقبًا متنوعًا شملت الدوري الإنجليزي الممتاز وكأس الاتحاد الإنجليزي ودوري أبطال أوروبا، متفوقة على أندية لندن التي اكتفت بـ26 بطولة فقط. لكن مشهد الموسم الحالي يبدو مختلفًا تمامًا، حيث يمر قطبا المدينة، مانشستر يونايتد ومانشستر سيتي، بأحد أسوأ مواسمهما خلال العقود الأخيرة.
موسم مأساوي لأندية مانشستر
مانشستر يونايتد، تحت قيادة المدرب روبن أموريم، يعاني من تخبط غير مسبوق، حيث يحتل المركز الثالث عشر برصيد هزيل يبلغ 37 نقطة من 30 مباراة، وسط غياب واضح للاستقرار الفني والتكتيكي الذي طالما ميز النادي. في المقابل، يعيش مانشستر سيتي فترة عصيبة هو الآخر رغم تاريخه القوي في السنوات القليلة الماضية. الفريق بقيادة بيب جوارديولا يحتل المركز الرابع برصيد 51 نقطة، بفارق كبير وصل إلى 22 نقطة خلف ليفربول المتصدر، ما يعكس الأداء المتراجع للبطل السابق.
الإحصائيات تشير إلى أن مجموع النقاط المتوقع للناديين مع نهاية الموسم قد لا يتجاوز 112 نقطة، وهو أقل مجموع مشترك منذ موسم 2003/2004، ما يشكل جرس إنذار لمشجعي كرة القدم الذين اعتادوا رؤية أندية مانشستر في صدارة المنافسات وسباق الألقاب.
تراجع بريق مانشستر الذهبي
الفترة الذهبية لمانشستر شهدت تألقًا يُصعب تكراره، أبرزها موسم 2017/2018 عندما نجح مانشستر سيتي في تحطيم الأرقام القياسية ببلوغ حاجز 100 نقطة، في حين حقق مانشستر يونايتد 81 نقطة في نفس الموسم، ليجمعا معًا أعلى حصيلة نقاط في تاريخ المدينة (181 نقطة). أضف إلى ذلك الموسم الأسطوري 2011/2012 الذي حُسم في الثواني الأخيرة بهدف أجويرو الشهير، حيث تعادل الفريقان وقتها في النقاط (89 لكل منهما)، ما خلق توازنًا استثنائيًا بين الغريمين التقليديين.
لكن الأوقات تغيرت، تحديدًا منذ اعتزال السير أليكس فيرجسون في 2013، حيث عاش مانشستر يونايتد انحدارًا تدريجيًا أفقده بريق التنافس، فيما ارتقى مانشستر سيتي بسرعة البرق بفضل بصمة جوارديولا، الذي قاد الفريق للسيطرة على الألقاب المحلية.
أنظار مشدودة نحو ديربي مانشستر
ومع اقتراب ديربي مانشستر المقبل على ملعب أولد ترافورد، تختلف تطلعات الجماهير عن المعتاد. بدلاً من معركة على الصدارة أو استعراض القوة، يتطلع الفريقان إلى إنقاذ ما يمكن إنقاذه من موسم قد يُسجل في التاريخ كأسوأ حقبة تمر بها كرة القدم في المدينة منذ سنوات طويلة. يبدو أن الكبرياء وحده هو ما سيدفع اللاعبين للتألق أمام الجماهير في هذه القمة المرتقبة.
مانشستر، التي لطالما كانت حصنًا منيعًا أمام المنافسين، تبدو هذا الموسم محطة سهلة للخصوم. يبقى السؤال الأكثر إلحاحًا، هل يكون هذا الموسم مجرد كبوة عابرة على طريق استعادة المجد؟ أم أن المدينة تواجه بالفعل بداية النهاية لفترة الهيمنة الذهبية التي غيّرت ملامح البريميرليغ لعقدين من الزمن؟