تحت أضواء الدوري الإسباني، يبرز ريال بيتيس كأحد الفرق التي تُعيد صياغة المعادلة التقليدية في عالم كرة القدم. ففي الوقت الذي تسعى فيه غالبية الأندية الكبرى للتعاقد مع اللاعبين الذين يتألقون في أنديتهم، يتخذ بيتيس مسارًا مختلفًا، إذ يضم المواهب التي تعثرت في أندية أخرى ويصنع منها نجومًا من جديد. نجاح هذه الاستراتيجية جعل النادي الإسباني محط الأنظار وأصبح عقدة للعديد من الأندية الكبرى محليًا وأوروبيًا.
كيف ينجح ريال بيتيس في تحويل الفشل إلى نجاح؟
في السنوات الأخيرة، استطاع ريال بيتيس إعادة اكتشاف إمكانات لاعبين كانوا في طريقهم للانطفاء، مثل إيسكو وأنتوني وغيرهم، ليصبحوا بعد ذلك من أبرز عناصر الفريق. هذا النجاح يعود إلى رؤية إدارية حصيفة واستراتيجية ذكية يقودها المدرب مانويل بيليجريني والجهاز الفني. الفريق يحتل اليوم المركز الخامس في الدوري الإسباني ويواصل تألقه في المنافسات الأوروبية بعد وصوله إلى ربع نهائي دوري المؤتمر الأوروبي، في إنجاز لم يتحقق منذ سنوات طويلة.
الهزيمة التي ألحقها بيتيس بريال مدريد خلال هذا الموسم، إلى جانب التعادل مرتين مع برشلونة في الليغا، تعكس مدى تطور الفريق وتحوله إلى خصم صعب أمام الكبار. كل هذه النتائج تأتي في سياق خطة محكمة وبيئة مريحة تقدمها الإدارة للاعبين والمدربين على حد سواء.
سر اختيار الصفقات في بيتيس
ألفارو لادرون، السكرتير الفني للنادي، كشف في حديثه أن نجاح بيتيس في الصفقات يعود إلى تركيزهم على اللاعبين الذين يواجهون صعوبات ولا يقدمون أفضل مستوياتهم في أنديتهم السابقة. حيث قال: “نسعى إلى تقييم اللاعبين الذين يمتلكون إمكانيات عالية ولكنهم يمرون بفترة صعبة، ثم نوفر لهم بيئة مثالية لإبراز مواهبهم من جديد”، مشيرًا إلى أن نجاح ضم أنتوني كان نتيجة لهذه الاستراتيجية الفريدة.
كما أشار لادرون إلى أن خطة بناء الفريق تعتمد على تحقيق توازن بين اللاعبين الدوليين المميزين، اللاعبين المحليين ذوي الخبرة، والمواهب الشابة التي تنحدر من أكاديمية النادي، وهو ما يضمن استدامة النجاح والمنافسة على المدى الطويل.
بيئة مثالية للاعبين
ريال بيتيس لا يقتصر دوره على وضع اللاعبين داخل المستطيل الأخضر فحسب، بل يحرص على توفير بيئة تجعلهم يُركزون على كرة القدم فقط. وقال لادرون في هذا السياق: “نوفر كل دعم للاعبين وعائلاتهم، نهتم بجميع احتياجاتهم على مدار الساعة، ونضمن أن يشعر اللاعب بالراحة النفسية والبدنية”. ويظهر هذا النهج جليًا في تصريح اللاعب أنتوني الذي قال بعد انتقاله من مانشستر يونايتد إلى بيتيس: “في هذا النادي ألعب كرة القدم فقط”.
طموحات خضراء في المنافسات الأوروبية
بالرغم من محدودية الموارد المالية مقارنة بعمالقة أوروبا، يؤكد ريال بيتيس أنه يمكنه تحقيق ما هو أبعد من المشاركة المشرفة. النادي يطمح للمنافسة في الدوري الإسباني بقوة والوصول لأبعد نقطة ممكنة في البطولات الأوروبية. ورغم تباين الموارد، فإن التخطيط السليم والرهان على المواهب الشابة يساعد النادي على بناء فريق تنافسي قادر على تحقيق مكاسب رياضية ومالية.
الاهتمام بالمواهب الأفريقية
يمتلك النادي رؤية واضحة حول أهمية اللاعبين الأفارقة والمصريين، وهو ما أكده اهتمامه بالتعاقد مع النجم المصري الشاب عمر سيد معوض، الذي توقفت صفقة انضمامه بسبب الإصابة. وعن ذلك قال لادرون: “اللاعبون الأفارقة يتمتعون بمهارات فنية وبدنية رائعة، ونحن نعتبر السوق الأفريقية أحد الأهداف الهامة في خططنا”.
ريال بيتيس يستمر في كتابة قصة نجاح فريدة تستند إلى الابتكار والاستدامة. النموذج الذي يقدمه النادي لا يعتمد فقط على الإنجازات الرياضية، بل يتجاوز ذلك ليؤكد أن التخطيط الذكي يمكنه أن يحول الأحلام مهما كانت صعبة إلى واقع يفتخر به الجميع.